صورة معبرة عن اطفال سوريا تحت القصف وبلا مأوى الى متى
صورة معبرة عن اطفال سوريا تحت القصف وبلا مأوى الى متى
ما الذي يحدث في سوريا
بعد مرور حوالي 9 سنوات على النزاع، تواصِل الأزمة السورية التسبب بتأثير كبير على الأطفال في داخل سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة وما يتجاوزها. لقد تأثر كل طفل سوري بالعنف والتشرد وانقطاع الروابط الأسرية ونقص إمكانية الحصول على الخدمات الحيوية. وقد ترك كل ذلك تأثيراً نفسياً هائلاً على الأطفال.
أدت أعمال العنف الشديدة في شمال غرب سوريا إلى تشرّد ما يزيد عن 500 ألف طفل منذ 1 كانون الأول/ديسمبر 2019، مما أدى بعشرات آلاف الأطفال وعائلاتهم لأن يعيشوا الآن في خيام معرّضة للهواء وسط الطقس البارد والأمطار.
إن حجم الدمار المادي في سوريا هائل، وقد لحق الدمار بمدارس ومستشفيات ومرافق لمعالجة المياه. ولا يزال 2.5 مليون طفل يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة.
كيف تأثر أطفال سوريا
تظل الأزمة السورية أزمة حماية في المقام الأول — فقد كانت سنة 2020 هي السنة الأشد فتكاً بالأطفال منذ بداية الحرب. وتتواصل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإطفال على أشدها، بما في ذلك تجنيد الأطفال واختطافهم وقتلهم وإصابتهم. وتشكل الذخائر غير المنفجرة تهديداً فتاكاً لملايين الأطفال السوريين، وفي الوقت نفسه لايزال حوالي 5.5 ملايين طفل بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، بمن فيهم حوالي نصف مليون طفل في أماكن يصعب الوصول إليها.
ما الذي تفعله اليونيسف لمساعدة أطفال سوريا
إن اليونيسف وشركاءها موجودون على الأرض في سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة ويعملون على حماية الأطفال ومساعدتهم في التعامل مع تأثير النزاع واستئناف عيش طفولتهم. وهذا يتضمن تحسين إمكانية الحصول على التعليم وخدمات الدعم النفسي لمساعدة الأطفال ومقدمي الرعاية على التعافي من الصدمة واستعادة حس الحياة العادية.
كما تواصل اليونيسف مع الشركاء تقديم المساعدات المنقذة للحياة للعائلات المحتاجة، ومن ضمنهم النازحين مؤخراً. تشمل هذه المساعدات رُزم النظافة والمياه الصالحة للشرب والملابس الدافئة لفصل الشتاء وفحص سوء التغذية وعلاجه.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل اليونيسف مع الشركاء لتوفير اللقاحات، خاصةً للأطفال الذين لم يتلقوا اللقاحات في السابق. كما توفر اليونيسف المعدات اللازمة للقيام بحملات التلقيح، بما في ذلك معدّات التبريد، لضمان سلامة اللقاحات.
الحرب الأهلية السورية، وتسمّى أيضاً الأزمة السورية والحرب على سوريا (بحسب الحكومة)، أو الثورة السورية (بحسب المعارضة والمجتمع الدولي)؛ هي صراع مسلح داخلي مُتعدد الجوانب في سوريا منذ 2011، شاركت فيه عدّ أطراف دوليّة، يخاض بالدرجة الأولى بين الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، وقوات المعارضة المسلحة، إلى جانب الجماعات الإسلامية والتنظيمات المتشددة.
نشأت الاضطرابات في سوريا، وهي جزء من موجة أوسع نطاقًا من احتجاجات الربيع العربي 2011، بسبب إستياء شعبي حيث تألف منها في ما بعد ما يسمى بال جماعات المعارضة من حكومة الأسد التي قامت بسجن مجموعة من الأطفال في مدينة درعا السورية، ورفض طلب الاهالي باطلاق سراحهم، مما ادى إلى خروج الاهالي بمظاهرة قوبلت باطلاق نار من جنود حكوميين، وقد تصاعدت إلى نزاع مسلح بعد قيام قوات الأمن بقمع الاحتجاجات الداعية إلى إبعاد الأسد.
تشترك عدة جهات في النزاع: الحكومة السورية مدعومة من حلفاءها روسيا وإيران وحزب الله، تحالف فضفاض لجماعات المعارضة المسلحة على رأسها الجيش السوري الحر، قوات سوريا الديمقراطية التي تضم أغلبية كردية، وجماعات سلفية جهادية (بما فيها جبهة النصرة) وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، مع تدخل عدد من البلدان في المنطقة وخارجها إما بالمشاركة العسكرية المباشرة، أو بتقديم الدعم إلى فصيل مسلح واحد أو أكثر.
شكلت جماعات المعارضة السورية الجيش السوري الحر وسيطرت على المنطقة المحيطة بحلب وأجزاء من جنوب سوريا. وبمرور الوقت، انشقت بعض فصائل المعارضة السورية عن وضعها المعتدل الأصلي لمتابعة رؤية إسلامية لسوريا، وانضمت إلى مجموعات مثل جبهة النصرة وداعش. وفي 2015، ضمت وحدات حماية الشعب صفوفها إلى القوات العربية والآشورية والأرمنية وبعض المجموعات التركمانية لتشكيل تحالف عسكري باسم قوات سوريا الديمقراطية، في حين ظلت معظم الميليشيات التركمانية مع الجيش الحر وحصلت على دعم مباشر من تركيا.
تدعم روسيا وحزب الله الحكومة السورية عسكريًا، وقد بدأ ائتلاف من دول الناتو في الفترة من 2014، في شن الضربات الجوية ضد داعش.
استعادت الحكومة السورية عام 2018، بدعم من روسيا وإيران، مناطق في الغوطة الشرقية بريف دمشق ومحافظة درعا. استخدمت القوات الحكومية مزيجا من الأساليب غير القانونية، بما فيها الأسلحة المحظورة، والضربات العشوائية، والقيود على المساعدات الإنسانية، لإجبار الجماعات المناهضة للحكومة على الاستسلام في هذه المناطق، ما أدى إلى نزوح جماعي. كما هاجمت الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بشكل عشوائي، وأعاقت قدرة المدنيين على الفرار من الأعمال العدائية.
حتى وقت كتابة هذا الملخص، كان هناك وقف هش لإطلاق النار في إدلب بين التحالف العسكري السوري-الروسي والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة. اعتقلت الجماعات المناهضة للحكومة في إدلب أفرادا يحاولون التصالح مع الحكومة، ونشطاء إعلاميين، وقيّدت المساعدات الإنسانية. بعد عدة هجمات كيميائية وقعتخلال النصف الأول من العام، وفي خطوة غير مسبوقة، تم تفويض "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" بإسناد المسؤولية عن الهجمات في سوريا.
في المناطق التي أعيدت من تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش")، أصبح ارتفاع الخسائر في صفوف المدنيين والبنية التحتية المدمرة أكثر وضوحا. استمرت الألغام التي زرعها داعش قبل فراره في قتل وتشويه المدنيين. لم يتحقق تقدم يُذكر في توفير الموارد اللازمة للتعافي، و/أو تعويض الضحايا المدنيين من الهجمات. واصل داعش وتنظيم "القاعدة" في سوريا ارتكاب الانتهاكات، التي تتراوح بين الإعدام بإجراءات موجزة وعمليات الخطف والتدخل في تقديم المساعدات.
قدّر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، وهو مجموعة رصد مقرها المملكة المتحدة، أن عدد القتلى منذ بداية الحرب وصل إلى 511 ألف حتى مارس/آذار 2018. خلفت سنوات من القتال المستمر 6.6 مليون نازح داخلي و5.6 مليون لاجئ في جميع أنحاء العالم، وفقا لـ "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
مع نهاية العام، بقيت العملية السياسية بقيادة جنيف في حالة توقف تام، وتم تعيين مبعوث خاص جديد للأمم المتحدة.
مع انخفاض الصراع بشكل جزئي، دعت روسيا وسوريا إلى عودة اللاجئين، وقدمت سوريا قوانين لتسهيل إعادة الإعمار. رغم ذلك، استمرت القوات الحكومية في انتهاك حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، واحتجاز الأشخاص وإساءة معاملتهم تعسفا، وفرض قيود مرهقة على حرية التنقل.
الهجمات العشوائية السورية-الروسية
استمر التحالف العسكري السوري-الروسي بارتكاب الهجمات العشوائية على المدنيين والمنشآت المدنية عام 2018. في فبراير/شباط، شنت القوات الحكومية حملة عسكرية لاستعادة الغوطة الشرقية، بريف دمشق. قُتل ما يزيد على 1,600 مدني بين 18 فبراير/شباط و21 مارس/آذار. ضرب التحالف العسكري السوري-الروسي 25 مرفقا طبيا على الأقل، و11 مدرسة، وعددا كبيرا من المساكن المدنية.
بالمثل، في 16 يونيو/حزيران، قاد التحالف هجوما في محافظتَي درعا والقنيطرة، جنوب غرب سوريا، ما أدى إلى نزوح جماعي نحو الأردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.
استخدام الأسلحة المحظورة، بما فيها الكيميائية
استمرت أطراف النزاع باستخدام الأسلحة المحظورة. استخدم التحالف العسكري السوري-الروسي الذخائر العنقودية المحظورة دوليا والأسلحة الكيميائية لاستعادة السيطرة على المناطق. حققت "هيومن رايتس ووتش" في 36 هجوما بالذخائر العنقودية بين يوليو/تموز 2017 ويونيو/حزيران 2018، بالإضافة إلى نحو 20 هجمة محتملةأخرىبهذه الأسلحة. تشير الأدلة إلى أن التحالف السوري-الروسي استخدم أسلحة حارقة في الغوطة ودرعا.
بين عامي 2013 و2018، قامت هيومن رايتس ووتش و7 منظمات دولية مستقلة بالتحقيق في 85 هجوما كيميائيا على الأقل، ارتكبت قوات الحكومة السورية معظمها. من المحتمل أن يكون العدد الفعلي للهجمات الكيميائية أكبر.
بعد هجوم كيميائي على دوما في الغوطة الشرقية، كانت هناك جهود دولية متجددة لردع استخدام الأسلحة الكيميائية. استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي في فبراير/شباط وأبريل/نيسان، ما حال دون إنشاء آلية تحقيق بقيادة الأمم المتحدة. مع ذلك، في يونيو/حزيران، منحت الدول الأطراف في اتفاقيات الأسلحة الكيميائية الإذن الدائم لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتحقيق في هجمات الأسلحة الكيميائية وتحديد المسؤولين عنها.
لم يكّد يمرّ شهران على بداية سنة 2020، حتى بلغ عدد من لاقوا حتفهم في إدلب وحلب نحو 300 شخص منذ بداية العام، وفقاً للمفوضية السامية لحقوق الإنسان.
يزداد الوضع سوءًا يومًا بعد يوم.
لقد دفع تصاعد القتال في الشمال الغربي، والذي بدأ منذ شهر كانون الأول/ديسمبر، أكثر من 900 ألف شخص - بمن فيهم أكثر من نصف مليون طفل - للفرار والولوج نحو الخطر. إنها عملية نزوح جماعي للبشر تُشكلّ صاعقة في حجمها والوقت القصير الذي حصلت فيه.
بالنسبة للبعض، فإن هذه هي المرة السادسة أو السابعة التي يتعرّضون فيها للنزوح.
لقد فرّ الكثيرون إلى شمال غرب إدلب، بينما فرّ آخرون إلى عفرين وأعزاز والباب، بالقرب من حلب والحدود التركية.
يعيش الآن عشرات الآلاف في خيام مؤقتة ومباني عامة في الهواء الطلق، تحت الأشجار - مُعرّضين للأمطار والثلوج والبرد القارس حيث درجات الحرارة تتدنى إلى دون الصفر في فصل الشتاء القاسي الذي تشهده سوريا.
إن الضربات الأخيرة التي تعرّضت لها المخيمات المؤقتة في إدلب - وكذلك الأطفال والمدرّسين الذين قُتلوا بصورة مروعة قبل يومين فقط، عندما تعرضت 10 مدارس للهجمات –تستوجب الشجب وتُعتبر بغيضة أخلاقياً. تُظهر هذه الأعمال، وبوضوح، الظروف اليومية المرعبة للذين يعيشون هذا الكابوس.
لقد سمعنا وقرأنا تقارير عن تجمّد أطفال حتى الموت.
عندما ينفد الخشب، تحرق العائلات أي شيء تجده - الأكياس البلاستيكية والقمامة وقطع الأثاث – وذلك لمجرد توفير بعض الحماية من البرد، أو لإشعال نار صغيرة تمكّنهم من طهي أي طعام يمكنهم العثور عليه.
إن الأطفال والنساء بشكل خاصّ هم الأكثر عُرضة للخطر والاستغلال في هذه التجمعات السكانية العشوائية، علمًا بأن المراحيض المؤقتة لا توفّر أي قدر من الأمان أو الخصوصية.
كما تنتشر الألغام والأجهزة المصنعة عشوائياً والمزروعة في الأرض، مما يجعل المخاطرة ترافق كل خطوة يخطوها الناس.
سلبت فرصة التعليم بوحشية بالنسبة لـ 280 ألف طفل في الشمال الغربي. وهناك حوالي 180 مدرسة لا تصلح للعمل - نتيجة تدميرها أو تعرضها للضرر أو استخدامها كملاجئ. وهذه بحدّ ذاتها ضربة أخرى بالنسبة لآمال الأطفال ومستقبلهم.
أما الرعاية الصحية فغير موجودة تقريبًا، أو بعيدة المنال بسبب الظروف المادية. لا تزال المستشفيات مستهدفة، وقد عُلقت خدمات 72 منها بسبب القتال.
لكن الوضع في الشمال الغربي ليس سوى أحدث تداعيات الحرب المدمّرة.
في مختلف أنحاء سوريا، أدت الحرب المستمرة منذ تسع سنوات إلى تدمير الخدمات العامة. فأكثر من نصف المرافق الصحية وثلاث من أصل 10 مدارس لم تعُد صالحة للاستعمال.
الاقتصاد في حالة انهيار – مع تعرض رأس المال المادي للدمار بخسارة نحو 120 مليار دولار، ونصف تريليار دولار في الخسائر الاقتصادية. كما فقدت الليرة السورية نصف قيمتها في العام الماضي.
لكن التكلفة الحقيقية لسفك الدماء لا تقاس بالخسائر في البنية التحتية أو في الدمار الاقتصادي.
إنها تُقاس بحياة الناس اليومية.
وبالـ 11 مليون شخص الموجودين في جميع أنحاء سوريا الذين لا يزالون بحاجة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، ونصفهم تقريبًا من الأطفال.